تأمل في عبرانيين ٤:١٠
"لأن الذي دخل راحته استراح هو أيضًا من أعماله، كما الله من أعماله."
تحمل هذه الآية سرًّا عظيمًا عن الراحة التي يدعونا الله إليها، ليست راحة جسدية زائلة، بل راحة روحية أبدية، راحة الذين وجدوا ملجأهم في الله نفسه. إنها ليست راحة الكسل أو التوقف عن العمل، بل راحة الثقة والتسليم، راحة الذين سلّموا حياتهم بالكامل بين يدي الله.
١. راحة بعد الجهاد: كما الله بعد الخلق
خلق الله العالم في ستة أيام، وأكمل عمله، ثم استراح، ليس لأنه كان محتاجًا للراحة، بل لأنه أتمّ كل شيء بإتقان. هكذا نحن، عندما ندخل في راحة الله، فهذا يعني أننا وصلنا إلى نقطة التسليم الكامل، حيث لا نعتمد على أعمالنا البشرية، بل على عمل المسيح الكامل الذي صنعه لأجلنا.
٢. الراحة الحقيقية: من الناموس إلى النعمة
في العهد القديم، سعى الناس للبر من خلال حفظ الناموس، لكن لم يكن أحد قادرًا على تحقيق الكمال. أما في العهد الجديد، فقد قدم لنا المسيح الخلاص بنعمته. الدخول إلى راحة الله يعني التحرر من محاولاتنا البشرية لبلوغ الخلاص، والاحتماء بالكامل في نعمة المسيح الذي قال:
"تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (متى ١١:٢٨).*
٣. راحة الانتصار بعد الجهاد
لا راحة بدون معركة، ولا مجد بدون صليب! قبل أن نستريح، علينا أن نجاهد جهاد الإيمان، أن نثبت في المسيح رغم التجارب، أن نصبر في الضيق، ونتمسك بوعده. فالراحة ليست في غياب التحديات، بل في اليقين أن الله يقودنا في وسطها. وكل من ثبت حتى النهاية سيدخل إلى هذه الراحة الأبدية، حيث لا بكاء ولا وجع ولا ألم.
٤. راحة الأبدية: الدخول إلى المجد
الراحة التي نتذوقها هنا ليست سوى ظل للراحة الأبدية، حيث سنكون مع الله في مجده، نرى وجهه، ونستمتع بحضوره إلى الأبد. وكما استراح الله بعد عمله، نحن أيضًا سنستريح بعد جهادنا على هذه الأرض، لكنها ليست راحة خاملة، بل دخول إلى حياة أكثر امتلاءً بمجده وفرحه الأبدي.
سؤال للتأمل
هل أنا أعيش في راحة الله، أم لا زلت أعتمد على جهودي الشخصية وأحمل همومًا كان يجب أن أسلمها له؟*
- هل لا تزال تحاول أن تثبت نفسك أمام الله بأعمالك، أم أنك قبلت نعمته وسلّمت له كل شيء؟
- هل ما زلت تحمل أعباء الماضي، أم أنك وضعتها عند قدمي المسيح؟
- هل تثق بأن الله يعمل حتى عندما لا ترى ذلك؟
صلاة
"يا رب، أسلمك كل أتعابي، كل مخاوفي، كل محاولاتي البشرية التي فشلت. أريد أن أدخل إلى راحتك، أن أعيش بالإيمان لا بالعيان. علّمني كيف أضع كل شيء في يديك، وأثق أنك أعددت لي مكانًا في مجدك. أعطني القوة للجهاد، والصبر للانتظار، والإيمان للاستمرار، حتى أصل إلى راحتك الأبدية. آمين."
Ephraim Hanna